هل تعاني من الأرَق

يعدُّ الأرق أحـد أهـمِّ مشـكـلات العصـر الحديث ، وخـاصّـةً مـع الإيقاع السّريع للحياة الحالية ، وأسباب الأرق كثيرة ومـعـقـدة ؛ فـالأرق المـزمـن يـعـود غـالبـاً إلى نظـام حيـاة غير صـحيّ ، أو إلى التعـرّض للضـغـوط النفسية أو الاجـتمـاعيـة ، فـبـيـنـمـا كـان الإنسان فيما مضى يبذل جهـداً كبيراً أو ما يمكن أن نسـميـه تـعـب صـحيّ ،كـان يعقبـه نـوم صـحـيّ ، وقـد أصـبحت حياتنـا الحاليـة تنطوي على الكثير من الإرهـاق غـيـر الصحـيّ الـذي يـؤدي إلـى نـوم غـيـر صـحـيّ أو لا يـؤدي إلـى الـنـوم إلا قـليـلاً .
مـن الأســبـاب المـبـاشـرة للأرق : قـد تـكـون مـشـكـلـة طـارئـة تهـدد الأمـان بشكل مـا ، كما قد يكون لتناول المشروبات المنبهة كالقهوة والشاي أثراً مباشراً على الأرق ، فإنَّ شـرب القـهـوة مـثـلاً قـد يدوم تـأثيـره إلـى سـت أو سـبـع سـاعـات وبـعض الدراسات تقول لأكثر من ذلك ، كذلك مشروب المتة منبه خفيّ فهو يتسبب بالأرق بنسبة كبيرة ولكن كـونـه غـيـر شـائـع كالقهـوة لم يدرس تـأثيـره كمـا يجـب ، يضاف إلى ذلك سببٌ انتشر كثيراً مؤخراً وهو التعرض لضوء الشـاشـات الرقمية بأنواعها إذ أظهـرت بعـض الدراسات أنَّ لها تأثيراً منبهاً على العين والدماغ مما يتسبب بصعوبة القدرة على النوم .
ومهما كانت أسباب الأرق فهناك بعض الأفكار البسيطة التي قد تساعد على حل مـؤقـت لحالة الأرق : ـ
ــ بالبـدايـة عنـدما تبقى في الفراش لأكثر من ربع ساعة دون القدرة على النوم انهض من وضـعيـة النوم لأن الاسـتلقـاء الطـويل بمحـاولات نـومٍ فـاشـلـة قـد تـجـلب إلى عقلك كل الأفكار السلبية بدلاً من النعاس وقـد يصـبـح الـوضع حالة حزن أو غضب شديدة لســت مضـطـراً لاحـتـمـالهـا ، لـذلك بدلاً من المحاولة اليائسة يمكن أن تـنـهـض وتـخـتار بعض النشاطات لتمضية الوقت بطريقة إيجابية ، فالقراءة مثلاً تساعد كثيراً على النوم ومعظم الناجحيـن يقـرؤون الكـتـب كنـشـاطٍ ثـابـتٍ قبل النوم ولكن من المهم ملاحظة أن تكون القراءة في كتاب ورقي وليس على كومبيوتر أو جوال لتجنب أثر الشاشات على العيون ، وهنا من المهـم الإشـارة إلـى أنَّ إخـراج الجـوال خـارج غرفتك قبل موعد النوم بنصف ساعة يمنح العيون والعقل الاسترخاء الكافي مما يساعد على النوم بسهولة .
ــ محـاولـة المشـي البطيء لمدة عشر دقائق قد تكون كافية لاستعادة القدرة على النوم ، أو يمكن استعمال الكتابة ، ففكرة التـدويـن تسـاعـد على طرد التوتر والقلق ، وفي حالة الأرق قد تساعد فكرة كتابة الأشياء التـي عليـك فعلهـا فـي الغـد ، فهـذا قـد يعطـي الحـافـز لإراحـة الجسـد فـي سـبـيـل إنـجـاز مـهـام الـغـد .
ــ يمكـن أيـضـاً اسـتـخـدام الـكـتـابـة لـتـدويـن الأشـيـاء الـتـي تـزعـجـك ؛ اكـتـب أي مشـكلـة تزعجك في الحـيــاة ، فـرؤيـة الـمـشــاكـل عـلـى الـورق قـد يسـاعد فـي حـلّـهـا وكـذلـك الأمـر يـجـعـلـك تـشــعـر أنّ ضـغــط هــذه المـشــكـلـة قـد خـفـت حـتـى ولـو إلـى حـيــن ، قـد يـبـدو هـذا الـنـشــاط وكـأنَّــك خـلـعـت مـعـطـفـك الثـقـيـل عـن كـتـفـيـك ،إنَّـه يـمـنـحـك راحـة مـمـاثـلـة قـد تـســاعـد عـلـى الـنّـوم .
ــ تـنـاول مـا يـسـاعـدك : فـالمـشـروبـات الدافئة مثلاً تساعد على الاسترخاء و النوم وهناك عدة وصفات كمغلي اليانسون ومغلي الزيزفون ، كمـا يـمكـن تنـاول اللبـن الرائب كمشروب مساعد على الاسترخاء و النوم ، كما يمكن حلّ ملعقة عسل في كأس ماء دافئ كشراب مهدئ.
. ــ وهـنـا لا بـدَّ مـن الإشـارة إلى أنَّ الوجبات الثقيلة قد تسبب الأرق لذلك حاول أن تكون آخر وجبة قبل النوم بساعتين على الأقل .

ــ يمكن أيضاً أخذ حمامٍ دافئٍ ، فهـذا مـن شـأنـه تـخفـيـف التوتر وزيادة فرصة الاسترخاء كما أنّه يحسن جودة النوم بالإضافة لتقليل الأرق .

ــ تـتـسـب فـوضى المكان أحياناً بالتشويش والتوتر مما قد يؤدي إلى الأرق ، لذلك قد يفيد ترتيب المكان وتهويته في إبعاد التوتر .

ــ تمـارين التـأمـل والاسـتـرخـاء : يـقـول الأشـخاص الممارسين للتأمل أنَّه بعد مدة من الممارسة اختفت مشكلة الأرق تماماً … إذاً يبدو أنَّ هذا الأمر قـد مـنحهم فرصة لتهدئة العقل والتخفيف من شحنات توتره وإفراغه من ضغط الأفكار المؤرق، أو لنقل إنَّه يعوِّد العقل على الاسترخاء ضمن دوامة الحياة السريعة
ــ وأخيـراً الأرق غـالبـاً لا يـحـدث بـيـن ليلـة وضحاها ، وعند البحث في مشكلة الأرق ومحاولة حلّها قد تـقـودك إلـى مشـاكـل أخرى أعمق وأعمق ، يتطلب حلُّها نهجاً كاملاً لتنظيف التراكمات النفسية و إدارة الأولويات ورسالتك في الحيـاة ومـدى رضـاك عـن نفسـك وعمَّـا تـفعـلـه فـي أيـامـك ،ولو وجدت الأمر يستدعي المساعدة لا بأس يمكنك اللجوء إلى أحد مدربي السلوك ، فكما نتعاطف مـع الآخـريـن ونحاول مساعدتهم علينا مساعدة أنفسنا .
فـالنـوم نشـاط أسـاسـيّ للتـوازن والفعالية ، و عندما يصبح صعب المنال سينعكس ذلك على كلِّ نواحي الحيـاة ،فالجسـد المتعـب يصبح عرضة لشتى الأمراض ، كما أنّه يصبح عاجزاً عن الإبداع والإتقان أو البهجة.

م. آمال عبد الصمد