in ,

GEORGES DE LA TOUR الفنان الفرنسيّ



يـمـثِّـل الـفـنـان [ جـورج دو لا تـور ] نـمـوذجـاً راقـيــاً عــن عـبـقـريّــة مـنـطـقــة اللـوريـن ، بـيــن فـرنـســا وألـمـانـيـا ؛ فـنٌّ مـدهـشٌ يـوحِّـد البـاروك مـع الأسـلـوب الطـلـيـانـي فـي طـريـقــة غـوطـيّـة حـديـثــة كـمـا لـم يـحـصـل فـي أي مـكـان آخـر، لدى [فلاندرز، بيللانجي، لوكليرك] ممـن مثَّلـوا هذا التـوجـه فـي الـنـحـت ، لـقـد أبـدع دولاتـور أسـلـوبـه الخـاص أمـام هـؤلاء الأســاتـذة الذيـن يديـن لهم بالكـثـيـر ، بـمـا يـوازي أعـظـم الفـنـانـيـن فـي عـصـره ، و مـمـا يـثـبـت أهـمية أعماله هو أنَّها كانت تـنسب إلـى أمـراء فـنّ القرن (السابع عشر) مثل [لويس لو ناين ، زوربار ] . ممّا يثبت جودتها، في قاعـدة هذا العمل نجد [كارافاجيو، لومينيستس] فـناني عـصـر النهـضـة، الإيـطـالـيـون-الـهـولـنـديـون Gérard Honthorst و Terbrugghen.
تظـهـر أقـدم لـوحـة للـفنـان لا تـور (الابن الضال) بوضوح هذا النسب، يصبح الموصوع الديني هنا مشهدا يمثل حثالة القوم، ومن المحبذ الى كارافاجيو أن جورج دولاتور يلبس نموذجه الفني صبغة مزركشة كما لو كانت تركية،كما هو الحال في

Bacchus of Uffizi Museum

يقطع الشخصيات دون سماكة على خلفية تمثل أرضية للعمل، ومع ذلك لا يخلط [ لا تور ] بين Honthorst أو Terbrugghen.

تـمـنـعـه رغـبتـه فـي العمـل علـى الأسـلـوب مـن إخضـاع اللـوحة للمـوضـوع ، مثـل الهـولنـديين – وإلهامه ليس مثل كارافاجيو؛ إنَّه يحب الشخصيات الثابتة، والوجوه الخالية تقريباً من التعبيرات، والصمت والتأمُل (صبغة نجدها في جميع لوحاته)، المجموعة الفجرية وكذلك تلك الخاصة بالسلسلة الليليَّة الغامقة.
تـظهـر العـديـد مـن الأعمـال ، الـرجل العجوز، في متحف نانت – وما نُسب إليه دون احتمالية التصديق- لـوحتـا ( سـانت جيروم ) الموجودتان في غرونوبل و في اسـتوكهولم ، أنّ هذا الفنان كان يمارس الرسم الواضح ، بلا شـكّ فـي بـدايـاتـه ، يـغـمـر الضـوء البـاهـت والمـنتشر الشخصيات التي تبرز ظلالها على الخلفيات الفاتحة كما لو أنّها بقع غامقة على أرضية فاتحة، مما يعطي اللوحة جاذبية أكبر، و حرصاً أكبر على إحاطة الشكل ، وهنا يبدو لا تور مهتماً بالأسلوب أقل مما ظهر في السلسلة الليلية ، التي أهمها لوحة

Nativité ( الميلاد ) في متحف رين

ومـادلـيـن مـن مـجمـوعة فابيوس ، الأسير في متحف د . إبينال ، وخصوصاً ، لوحة القديس سيباستيان الرائع تبكيه حزناً القديسة إيرين من متحف برلين. (Pl . XXXII.) .
ـ بـدون شـــكٍّ ، يـعــود إلـى فـنــانـي عــصــر الـنـهـضــة الايـطـالـيـيـن – الهـولـنـدييـن واقـع أنّ اللـوحة اسـتـمـدت مـن الـلـيـل ، الإضـاءة الاصـطـنـاعـيّـة ، وتـبـايـن الـظِّـل و الـنـور، ان الشـخـصـيـات تـلـعب دور الخـلـفـيـة ؛ بـيـنـمـا لـم يشـاركـهـم دو لاتـور اسـتـخـدام تـبـابـن الظـل والـنـور.
يتوجه فنّه في الواقع إلى الأسلوب ، يهمل قصة اللوحة كما لو أنَّه يتجاهل موضوعها غالباً ،كما في لوحة (الأسـير) فـي مـتحـف ايبينـال ، لـم يهتـم بالنموذج الذي يرسمه كما لو أنّه يركز على الشخصية ذاتها في غالبية اللوحات، بضعة أطفال ، اثنتان مـن النسـاء ، رجـل مـسـن .. أهمـل الإضـافـات والاكسـسوار فـي اللوحة ، ليس عجزاً ولكن احتقاراً للتفاصيل ، للخيال.. كم كان مناقضاً للزخرفة التي انتهجها فن الباروك anibaroque.

كـان لـديـه حـسٌّ كـلاسـيكـي بتراتبية القيم ، توكيداً أنَّ على الفن أن يمتلك الخيار. يريد أولوية الأساسي على الثانوي، الإنسـان أهـم مـن التفـاصيـل المـحيطـة ، المـوضـوع الـذي يصـوره أهم من طريقة التقديم
يحب دو لاتور الخطوط المنسابة الملتفة ، الملامح الشخصية الكاملة ، فنّ الخط، ألوانه غالية ونادرة كما أنَّها متحفظة تعطي غالباً انطباعاً أحادي اللون تأسست على هارمونية باردة للون الرمادي….

عن كتاب : ( الفن الفرنسي )
المؤلف : [ برنار دو ريفال ]
ترجمة : نهى عبد الصمد

Written by فضاءات

What do you think?

Comments

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Loading…

0

هل تعاني من الأرَق

مبادرة "تلبية" تفتح باب الشراكة والاستثمار

مبادرة “تلبية” تفتح باب الشراكة والاستثمار