in

سعدي يوسف مُهندس القصيدة العربية الحديثة .. وداعاً

سعدي يوسف مهندس القصيدة العربية الحديثة
سعدي يوسف مهندس القصيدة العربية الحديثة

توفي الشاعر العربي الكبير سعدي يوسف بالعاصمة البريطانية لندن عن عمر يناهز الـ 87 عاماً، وذلك بعد معاناة طويلة مع المرض رافقته في سنواته الأخيرة من حياته.

أول النُعاة

لقد كان الشاعر والمترجم العراقي محمد مظلوم أول نُعاة الشاعر سعدي يوسف، حيث قام بنشر بيتاً من قصيدة سعدي يوسف ليبدأ به رثاءً طويلاً كلّه حزن على هذا الفقد، حيث اختار بيتاً عن الموت ليكمل به حديثه عن الموت أيضاً، فكتب “أيها الموت لا تفتخر .. وسلاما أيها الولد الطليق”، ثم بدأ بيانه الرثائي ذاكراً فيه تفاصيل وفاة يوسف التي اختلطت بمشاعر المظلوم الحزينة بسبب هذا الخبر، وتفاصيل الدفن أيضاً.

حياة شعرية ثريّة ومواقف سياسية مثيرة للجدل

يعتبر الشاعر سعدي يوسف واحداً من أهم الأسماء الشعريّة في العالم العربي، كما أنه مترجم أيضاً، ولد يوسف في البصرة عام 1934. تخرج من دار المعلمين العالية ببغداد 1954 وحصل على “ليسانس شرف في آداب العربية”، وعمل في التدريس والصحافة الثقافية.

غادر يوسف العراق في السبعينيات بسبب مواقفه السياسية البارزة التي جعلت منه شخصية مثيرة للجدل في ذلك الوقت، فلقد كان أحد الأعضاء البارزين في الحزب الشيوعي العراقي ومعارضاً لنظام حزب البعث، الأمر الذي جعله يعيش في المنفى بين أكثر من دولة حيث تنقّل ما بين دمشق وبيروت والجزائر واليمن وتونس وقبرص ولندن التي كانت آخر مراسيه حيث أقام فيها منذ عام1999 .

سعدي يوسف قامة شعرية كبيرة ستترك فراغاً كبيراً بعدها

ليوسف مشوار طويل في الشعر والترجمة، فله في الشعر 35 كتاباً، أولها مجموعة “القرصان” عام 1952، وآخرها “صلاة الوثني” عام 2004. كما أنّه ترجم أكثر من 10 كتب شعرية لأدباء عالميين أولها “أوراق العشب” لوالت ويتمان عام 1979، وآخرها “حليب مراق” لسارة ماغواير عام 2003.

أما عن الرواية فله  14 ترجمة لروايات عالمية كان أولها رواية “تويجات الدم” لنغوجي واثيونغو عام 1982، وآخرها  “في بلاد حرة” لنايبول، كما له أيضا ترجمات في كتب في غير الشعر، حيث ترجم 8 كتب أولها “نافذة في المنزل المغربي” عام 1974، وآخرها كتاب “يوميات الأذى” عام 2005.، إضافة إلى ترجمة كتبه إلى الإنجليزية والإيطالية والألمانية، وكتبت عنه العديد من الدراسات والرسائل والأطروحات الجامعية.

نال يوسف جوائز عديدة في الشعر، منها جائزة سلطان بن علي العويس، والتي سحبت منه لاحقا، والجائزة الإيطالية العالمية، وجائزة كافافي من الجمعية الهلّينية.وفي العام 2005 نال جائزة فيرونيا الإيطالية لأفضل مؤلف أجنبي، وفي العام 2008 حصل على جائزة المتروبوليس في مونتريال في كندا.

سعدي يوسف إضافة استثنائية للشعر الحديث

يعتبر سعدي يوسف – تحقيبيّاً-  واحداً من المنتمين إلى الجيل الثاني من شعراء العراق المُجدّدين، حيث برز في منتصف القرن العشرين، كما أنه أعقب جيل الرواد من أمثال نازك الملائكة وبدر شاكر السياب وبلند الحيدري وعبد الوهاب البياتي، الأمر الذي جعله يتمكن من استخدام إرث الحداثة الذي تركه جيل الرواد “الجيل الضائع” بشكل يخدم القصيدة العربية لتكون نقيّة من الشوائب التي سادت في بعض القصائد للجيل الذي سبقه ومميزة في الفكر المقدّم والإنسانية البحتة والحرية التي ليس لها حد، ولقد ارتكز شعره على تجاربه  الشخصية وانطباعاته من الحياة اليومية وتحدّى فيه شعر التفعيلة التقليدي، ويبدو أنّه كسب التحدي حيث أصبح لأسلوبه تأثير كبير على الشعر العربي المعاصر، كما أنّ تميزه دفع أدونيس أن يلقبه بـ “مهندس القصيدة العربية”.

سعدي يوسف أيقونة عُرفت بعد جيل الرواد

وداعاً سعدي يوسف

الكثيرون ومن جنسيات متعددة عبّروا عن حزنهم بوفاة الشاعر يوسف، حيث وصفه الكاتب العراقي سنان أنطون في تغريدة باللغة الإنجليزية عقب وفاته بأنه “واحد من أعظم وأكثر شعراء العرب تأثيراً”، آسفاً لموته “في المنفى في لندن” بعد حياة “من التحدي”، وأضاف “ترك لنا إرثاً جمالياً فائضاً. وداعاً”.

وقال الشاعر العراقي يحيى السماوي: “… ورحل الشاعر الرمز سعدي يوسف.. رحل الأشعر منّا جميعا.. رحل عن أحداقنا ليقيم في قلوبنا وفي ذاكرة الأبد”.

وكتب الشاعر الفلسطيني غسان زقطان: “الوداع يا سعدي يوسف، تَعلّمنا منك واعترضنا عليك، ولك في البساط خيوط كثيرة، نتذكر اسمك الذي اتكأنا عليه، فيأتي العراق صاحب الأيادي البيضاء على الشعر”.

وقال الروائي اليمني علي المقري: “كانت عدن تبدو كفقاعة في ذاكرة سعدي يوسف. تظهر دائما في أحاديثه وكتاباته حيث كان شاهداً على فورة أحلامها وفجيعة خرابها. اليوم تفقد عدن أحد أعلامها الذين مرّوا ولم يغادروها أبدا. تفقد الكتابة العربية أحد المشاغبين الكبار، مجد الكتابة وحرّيتها”.

وكتب الناقد المصري رضا عطية الذي أعدّ واحدة من أهمّ الأطاريح النقدية تحت عنوان الاغتراب في شعر سعدي يوسف: “أنعي إلى الثقافة العربية والشعر العربي، سعدي يوسف.. الذي حمل العراق في منفاه يرفرف في شعره ودماً يسري في شرايينه. وداعاً الأخضر بن يوسف”.

آلاء صبري

Written by فضاءات

What do you think?

Comments

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Loading…

0

هل تمارس السرقة الخفية

التصوف عشق ام اغتراب