in ,

الخدمة ؛ الطريقُ الأسهل للارتقاء

تطرح اليوغا غالبا في قالب ما ورائي وترتبط بمفاهيم معقدة , ولكن بعيدا عن كلام الفلسفة . فإن اليوغا أسـلوب حياة متكامـل ، و عبر ممارسات متنوعة. وسأتحدث عن بعضها مما اخـتبـرته بنفسـي كـجامعيّة ،ولدي عملي وأعيش حياة عاديّة بلا طقوس خاصة أو بيت على التصميم الهندي ، وإنَّـما مـزيـج لعيش حياة معتادة مع تعديلات بسيطة يمكن لأي كان فعلها. فلـو أردت أن تكون يوغـياً فليس من المطلوب منك أن تعتزل الحياة وتجلس في كهفك التأملي

إذاً لـنتـفـق في البـداية أنّ اليوغـا ليسـت بالضـرورة عـزلـة وطقـوس غرائـبـيّـة وحـركـات بهـلـوانيّـة ، بل ممارسات بسيطة , يعتبر التـأمل و الـوضعيـات الجسـدية، أحدها فقط و لـو أردنـا أن نذكر الفكرة الأهم  من كل ذلك وهي أنّ اليوغا تعني : الاتحاد بين الذات الدنيـا والذات العليـا والاتحـاد يعني أيضاً وحدة الكون ؛أي أنّ كل ما في هذا العالم من حجر وبشر وكائنات أخرى ما هو إلا أشكال وتجليات لروح الكون الواحدة السامية … واليوم سـنتحدث عن ممارسـة يوغيّـة شائعة تجسد واقعياً قيمة الوحدة لكل ما في الكون عبر ما يسمى الخدمةـ

الخدمة

الخدمـة : ممارسة أساسـية لأي يوغـيٍّ يريـد أن يرتقي بروحه إلى المعارف العليا والحياة الهادئة ويقصد بها أن تقدم أعمال مجانيّـة إلى الآخريـن سواء أكانوا أفراداً أو مجتمعاً  ،وهذه الأعمال قد تكون بذل الجهد الجسدي أو النفسي أو المالي بقصد إسعاد الآخرين ،وتقدم هذه الممارسة بروح العطاء النقية بلا أية غاية أي يشترط أن تقدمها دون أي نيّة بأخذ مقابل سواء أكان مالي أو تقدير أو خدمة مقابلة . وهي غالباً تقدم لأشخاص لا يستطيعون رد الجميل ولو أرادوا ذلك، والمهم أنّـك لاتتطلع إلى التقـدير ولا تحزن أو تغضـب فيما لو لم تتلق أي شكر على عملك فالغاية الأساسية هي القيام بدورك من مكانك لرد الجميل إلى هذا الكون الذي يمنحك الكثير

لماذا نمارس الخدمة

عندمـا يمـارس الشـخص التأمل قد تبدأ حياتـه بالتحسن وروحه بالاتساع وتصبح معرفته أكبر بكثير من ذي قبل كما أن قدراته الشخصية تتوسع ،لذلك قد يتضخم الإيغو ويزداد الغرور ، هنا تأتي الخدمة كي تُهذِّب هذا النمو وتبقي الإيغو في حدوده المعقولـة … فـفكـرة الخـدمـة هي تقريـب المسـافات مع الآخرين ، وتخفيف المعاناة في الحياة فالله يمكنه إرسال رحمته عبر الأشخاص الذين يقدمون الخدمة لإعانة بعضهم على المصاعب التي تصادفهم ، ونشر قيم العطاء والتعاون ، كما أن هناك أشخاص لا يسـتطيعـون التّركـيز في التأمل بسـبب طبيعة شخصياتهم ، بالنسبة لهؤلاء قد تكون الخدمة وسيلة جيدة للارتقاء والتطور

عوائد الخدمة

عند دخولك عالم الخدمة أنت ترسـل رسالـة للكون بأنك جزء فعّـال منه وأنك تحاول أن تقوم بدورك من مكانك ولهذا أنت ستدخل ضمن العائلة الكونيّة وستأتيك الكثير من المساعدات التي قد تظهر على شكل زيادة في الرزق ،أو البركة في ممتلكاتك ،أو النجاح والازدهار في أعمالك ،أو الشعور بالحماية تعتني بكل تفاصيل حياتك ،ولكن العائد الأهم هو شعورك بالرضى وبأهميّـة وجودك كإنسـان وسـتهتدي لاحقاً إلى رسـالتك في الحياة … فعنـد دخولـك طريق التطور الروحي نفسك ستبدأ بالتطهر وتنظيف المسـارات السابقة للبدء على قاعدة نقية ، فقانون الكارما ( وعواقب الأفعال ) يقول “أن كل فعل قد تسببت به له أثر في نظام الكون ولكي تتطور عليك أن تصحح هذا الفعل لو كان خاطئاً “. من هنا فإن ممارسة الخدمة ومن دافع المحبة يمكنه أن يعفيك من عواقب الكثير من الأخطاء التي ارتكتبها سابقاً سواء بوعي أو بدون وعي ،و يساعدك على تطورك مع أقل قدر من المعاناة .

كيف أهتدي إلى الخدمات التي يمكنني تقديمها

الخدمة هي أي عمل يقدم بحب ودون توقع للنتائج ، يمكن أن تبدأ بتلبية الحاجات التي تطلب منك ، قد يكون في زيارة مريـض أو مسـاعدة عـاجز على أعماله الصغيرة ،أو التعليم ،أو تقديم الدعم لمن يمرون بفترات صعبة من حياتهم ،أو مؤانسـة البعـض ممـن اعتزلوا الحياة ولايزورهم أحد ،أو رعاية الحيوانات وسقاية النباتات, كما يمكنك تقديم جزء من عملك المأجور -الذي تمارسه عادة- لتخص به بعض ممن لا يمكنهم دفع الأجور .ولو كنت لاتعرف كيف تفعل ذلك فيمكنك في كل مكان تذهب إليه أو تمر فيه أن تسأل نفسك ما الذي يمكنني تقديمه لأني موجود هنا وستجد الإجابة ، ستتعرف حتماً إلى الطريق الأفضل لتسلكه عندما تترك الحب يوجهك .

آمال عبد الصمد

Written by فضاءات

What do you think?

Comments

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Loading…

0

قفصُ الرُّوحِ الطفوليّ

حطِّمْ قيودَك