in

الهم الإنساني في أعمال تغريد البقشي

الهم الإنساني في أعمال تغريد البقشي

تمتلك المرأة في لوحاتها استعلاء على كلّ مثبّطات الحياة التي تحاول كبحَها عن رغبتها في أن تمدّ يدها لتلقطَ النجوم فتسمو، فهي ذاتُ عينين واسعتين تشعُ قوة، وشموخ، كما النخيل في مدينتها الأحساء، أمّا وإنْ تطرقنا لوصفِ اللونِ في لوحاتها فإننا سنلاحظ ميلها لألوان الطبيعة الحرّة باستعراضها الدائم للأزرق لونِ السماء الواسعة وإلى لون الرمل كذلك.


إنها الفنانة التشكيلية السعودية العالمية “تغريد البقشي” والتي حققتْ إنجازاتٍ إبداعية كبيرة واستطاعت التسلّق إلى وعي مُحبي الفن التشكيلي وتستقر فيه دونَ تفاصيلٌ مبالغٌ فيها تُشتتُ حِسّ الفن عند الناظر إلى اللوحة عن الرسالة المُرادة منها، فهي استوحت كلّ تفاصيل لوحاتها الفريدة من “الأحساء” مسقط رأسها.
تغريد البقشي والحاصلة على الماجستير في مناهج التربية الفنية، وتعمل مشرفة تربية فنية، هي عضو مؤسس في الجمعية السعودية للفنون التشكيلية.
بدأت الفنانة مشوارها الفعلي في الفن التشكيلي بإطلاق أول معرض لها عام 2001، لتُفتح بعدها أبواب الفن التشكيلي لها، حيث أقامت أكثر من 16 معرضًا شخصيًا، كما أنّها شاركت في أكثر من 200 معرض جماعي على المستويين المحلي والعالمي، حيث عُرضت أعمالها في كلٍ من السعودية، ومسقط، والبحرين، والإمارات العربية المتحدة، والكويت، ودبي، والمغرب، وتونس، ولبنان، ومصر، والهند، والنمسا، وكوريا، وألمانيا، والأرجنتين، ولندن، والدانمارك، وباريس.

كمّا أنّها كانت المرأة السعودية الأولى التي تحصل على جائزة التميز التشكيلي ضمن فعاليات الأسبوع الثقافي لمهرجان هجر الثاني، كما حازت جوائز عدة، منها جائزة أوسكار الذهب العربي من خلال مشاركتها في مسابقة الإبداع الحر لتصميم المجوهرات لعام 2002، ومنحت شهادة استحقاق وتقدير من مجلس الذهب العالمي، وجائزة السعفة البرونزية في المعرض الدوري الثامن للفنون التشكيلية والخط العربي في مسقط عام 2006، وجائزة اقتناء المستوى الأول والثاني والثالث في معرض الفنانات السعوديات.

استطاعت تغريد أن تتسلق سُلّم النجاح وتصل إلى هذه الحدود من الشهرة والعالميّة في وقتٍ سابق لم يكن يحظى فيه الفن التشكيلي بقدرٍ كبير من الاهتمام، ولأن لكلّ شخصيّة سيرة نجاح تبهر متتبعها لكثرة المحاولات والقفزات فيها. فهي تروي في إحدى مقابلاتها أنّها واجهت الكثير في مشوارها ولم تصل إلى ما وصلت إليه بسهولة، فهي كانت تعيش في بيئة بعيدة عن الفن ولا تراه أكثر من مجرد إهدار للوقت في غير محلّه، هذا عدا أنّ مجال دراستها الجامعية في العلوم والذي هو في الأساس بعيد كل البُعد عن الفن ومتطلباته باستثناء مادة كانت تُعطى لسد رمق المحتاج من الطلّاب للفن.


حقيقة في مثلِ ظروف “تغريد البقشي” إن لم يعتمد الواحد منّا على نفسه فإنّه لن يأخذ معه من وقته إلّا التحسر على حلمٍ كان بالإمكان تحقيقه لو أعطيناه جزء من الإصرار والتقدّم نحوه، وهذا ما فعلته “تغريد البقشي” حيث اعتمدت على نفسها في استقاء الفن التشكيلي، ثمّ بدأت تستعين ببعض الدورات التي كانت تظهر في مناطق مختلفة من المملكة تحتاج إلى ما يقارب الساعتين لتصل إليها بعد التحرك من الأحساء.

لوحة رسمتها الفنانة تغريد البقشي تضامناً لما يحدث في فلسطين

من أكثر الأمور المُلفتة والمثيرة لعواطف الإنسان الحُر في سيرة أي شخص هو أن تراه يشارك في دعم قضيّة إنسانية بما يملك دون أن يجني من ذلك الدعم ناقةٌ أو جمل، وهذا ما نراه واضحاً جلياً في الكثير من أعمال “تغريد البقشي”، حيث لها العديد من اللوحات التي تبرز فيها قضايا وهموم إنسانية شتى، منها مواجهة الإنسان لآلة الحرب، واليوم قررت تغريد أن ترسم لوحة فنية تضامناً لما يحدث في فلسطين، داعمة للشعب الفلسطيني ولقضيته ومقدّساته التي هي الآن في أصعب مراحلها، وذلك من خلال “لوحة” تجسّد فيها الصراع مع المحتل على أرضٍ عربية لا تحتمل غير الهويّة الفلسطينية.

التشكيلية تغريد البقشي مع أ. بندر الهاجري في أحد معارضها الفنية

آلاء صبري

Written by فضاءات

What do you think?

Comments

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Loading…

0
د. لمياء البراهيم في مشاركة تلفزيونية حول التوعية الصحية

د. لمياء البراهيم: وطني أعطاني حرية التعبير وانتمائي له أولاً وأخيراً

صبيحة العيد