in ,

الوجه الآخر لباريس 3

.قبل الحديث عن باريس ، أنا عربيةُ الهوى ،أقبل الآخر، أتعايش معه بسلام ، وأتعلم معه ، ومنه ، وحتماً ، أستفيد
هذا يُلزِمني حَمل رسالةٍ ومَهَمةٍ .. التزام دائم .. أبدي .. طالما أن وطني منكوبٌ ، طالما أني أرى نوراً في آخر النفق ، طالما أني أجد من يمد اليد ، ويحسن ابتداع الخطوة المناسبة، ولا يعرف اليأسَ في اجتراح معجزات التقدم ، لفتح باب الانعتاق من النكبات المقيمة , كمواطن يجيد القراءة ، أحاول أولاً قراءة الأحداث، كعاشقةٍِ لقبلة النّور أينما سطع ،تشدني باريس ، أقرأ وجهها الجميل وأخشى تغيير ملامحه

.لباريس أكثر من وجه !.. كلٌّ منها كان مرآةً لمرحلةٍ او ظرف ، تطور بحريّة ، فاستحق ان يكون قدوة جديرة بالقراءة .أحببتُ وجه باريس التي أبقت جذوة النّور وقّادةً في أجزاءٍ كثيرةٍ من العالم ، ظلّت ترعاها من بعيدٍ .. كانت ترى مصلحتها الشخصية فيها ، لكنّها استفادت وأفادت، وبقيت أبوابها مفتوحةً تحتضن وترعى ، يتألقون فيها وتتألق ، وترنو اليها القلوب . قلب باريس وجنباتها جنةٌ وعرينٌ وملجأ أمين يحتضن من تيسر له العبور ، مهاجراً من مختلف أصقاع المعمورة . لكن عوامل كثيرة جعلت من باريس هدفاً لمن يستنسخ بذور الخرابِ ويوسّع بؤرة التّدمير، كأنّما خيط الدم النازف ووجعُ المستهدفين الأبرياء يدعم وينتقم.

صورة عن موقع  فرانس 24 لمظاهرات باريس حول قضية   شارل إيبدو
France 24 احتجاجات باريس عن موقع

.في باريس، يُختَصَرُ الدّمار الكوني ويلصَق بالإسلام . لون النورِ ولون النارِ تلفهما, قسراً , عباءة واحدة
أماكن عديدة من باريس طالها الوجع وآلم الفرنسيين والمسلمين، بسبب عمليات انتحارية أعلنها الدّاعشيون انتصاراً لهم، لكّن الدولة صاحية، تلملم جراحها ، تداويها ، تتقدم وتسبق المتخلفين ، رعاة الإرهاب..تحرجهم فيمتشقون وصمتهم ، تحجمهم ، ثم تحرجهم بقرارها الحاسم { إمّا الامتثال لقانون الدولة ، أو تحاسبهم بالقانون, وما أدراك ما دولة القانون!
بعضهم يرى أن فرنسا ذاتها، اصطنعت أحداثاً إرهابيّة على أرضها، فأوقعت ضحايا فرنسيين وغير فرنسيين، مفتعلة تعرضها للإرهاب، بحيث تعطي لنفسها الحق في مكافحة الإرهاب. وقد نجحت في تصدُّر قائمة الفاعلين على الساحة الملوَّنة. وتدرجت في أساليب العمل حتى وصلت الى برنامج واضح على أرضية صلبة، بإرادة واعية, حيث أعلنت فرنسا صيغة مدروسة لوجود الإسلام على أرضها ، منطقاً متماسكاً يرى المعتدلون في الرأي حقاً واضحاً لفرنسا باستخدامها:
: نشرت على فيسبوك Shaza ķhozam
نقلاً عن الرّئيس الفرنسي [ ايمانويل ماكرون ] حول العمل على حماية تعايش المسلمين مع الطوائف ومع النّظام الجمهوري ، لإخراجهم من العلاقة المعقدة للإسلام مع النظام العالمي، بعيداً عن مصيدة اليمين و التطرف الذي يضع المسلمين في انفصال مجتمعي على طريق انعزال اجتماعي يتسم بالإرهاب و يغذيه
ينقذ ماكرون 60 ألف طفلٍ مسلم من مدارس منزليّة هي جزء من تعليم ديني متطرف، غير مرخص، ولا رقابة فيه، يرسلهم الى مدارس حكومية. يخرج الجمعيات الدينية من قوقعة الطائفية ويعمم الاستفادة منها، مع الحرص على تمويلها ضمن فرنسا، بعيدا عن شبكات تمويل الإرهاب. تدريب الأئمة في فرنسا، ومنحهم شهادات قبل استلام الجوامع، بقصد منع الأنشطة المريبة، والبعد عن خطاب الكراهية والعداوة
تعليم العربية رسميا، فلا حاجة للمدارس السرية*
ترسيخ محبة الجمهورية التي تحمي الافراد المسلمين*
دمج الأطفال المسلمين مع غيرهم من أبناء الطوائف الأخرى، محاولة للتقريب بينهم كأفراد في مجتمع واحد*
” انتهى الاقتباس “

ماذا فعلت فرنسا؟؟؟


لم تحارب الإسلام بل أعطته فرصة الانسجام مع بيئة مختلفة ، لينتعش فيها كروح ومبادئ وفضائل أخلاقية ، تزدهر علناً كما حال مذاهب متنوعة هناك ، بعيداً عن شبح إرهاب أعمى فلا ننسى أنه عندما فصلت أوربا ما بين الحكومة والكنيسة ، فسحت المجال لنشوء موطن لا يضطر الإنسان فيه إلى رفع سلاح ، مُدٌعيا أنه يقاتل من اجل الله، والله غني عن القتال من أجله

أليس في هذه الوقائع ما يستحق إمعان النظر ؟


فلننظر ونتٌعِظ ، علنا نتمكن من الابتعاد عن مَخاضة الوحل والدم التي تسربلنا منذ قرون. لنسارع الى تضميد الجراح ، علّنا، في وقت قريب ، نحمل أطفالنا الى سرير نظيف ، دافئ ، بلا ظلال خوف ، بعيداً عن صوت الرّصاص ؛ لنحكي لهم فيحلمون باطمئنان : ” كان يا ما كان، في قديم الزّمان ، وحش خرافي اسمه {{ داعش }} كبر وتمدد لكن ثمة إرث أبطال عظماء يحفل تاريخ العرب بأسمائهم لقن الوحش درساً لائقا ًو هزمه شر هزيمة “. وجه الإسلام المشرق يليق به ان ينتعش ويتألق، بريئاً من إرادة المغرضين ، في باريس وفي مختلف أصقاع الأرض

[ نهى عبد الصمد ]

Written by فضاءات

What do you think?

Comments

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Loading…

0

هل أغنى الحب روحك

ما لا يخبروك إياه عن السمنة