in

القصيدة الحكيمة

إحدى القصائد الخالدة للشاعر [ صالح بن عبد القدوس ] أحد شعراء الدولة العباسيّة اشتهر منها بيت واحد ولكن كل بيت منها حكمة وفيما يلي بعض من تلك الأبيات ـ

والـرُّوحُ فـيـكَ وديـعــةٌ أودعـتَـهــا .. سـتَـردُّهـا بـالـرغـمِ مـنـكَ وتُسـلَـبُ

وغرورُ دنـيـاكَ الـتـي تـسـعـى لهـا .. دارٌ حقـيـقـتُـهــــا مـتـــاعٌ يـذهـــب

وجـمـيـعُ مــا خـلَّـفـتَــهُ وجـمـعـتَــهُ .. حـقــاً يَـقـيـنــاً بـعـدَ مـوتِـكَ يُـنـهـبُ

تَـبَّـــاً لــدارٍ لا يــدومُ نـعـيـمُـهــــــا .. ومَـشـيـدُهـا عـمّــا قـلـيــلٍ يَـخــربُ

فـاســمـعْ هُـديــتَ نـصـيحةً أولاكَها .. بَــــرٌّ نَـصــــوحٌ لـلأنـــامِ مُـجــرِّبُ

صَـحِبَ الـزَّمانَ وأهلَـه مُسـتبصـراً .. ورأى الأمــورَ بمـا تـؤوبُ وتَعقُـبُ

لا تـأمَـنِ الـدَّهـرَ الصــروف فـإنَّــهُ .. مـــا زالَ قِـدْمــاً لـلـرِّجــالِ يُــؤدِّبُ

فـعـلـيـكَ تـقـوى اللهِ فـالـزمْـهـا تفـزْ .. إنّّ الـتَّـقـيَّ هــوَ الـبَـهــيُّ الأهـيَـــبُ

واعـمـلْ بطـاعتِـهِ تنلْ منـهُ الرِّضـا .. إنَّ الـمـطـيــعَ لــهُ لـديـــهِ مُـقـــرَّبُ

واقـنـعْ ففـي بعـضِ القنـاعةِ راحـةٌ .. واليـأسُ ممّـا فـاتَ فهـوَ المَطْـلــبُ

وابـدأْ عَــدوَّكَ بـالـتـحيّــةِ ولـتَـكُــنْ .. مـنـــهُ زمــانَــكَ خـائـفــاً تـتـرقَّـبُ

واحــذرهُ إنْ لاقـيـتَـــهُ مُـتَـبَـسِّــمــاً .. فـاللـيـثُ يـبـدو نـابُــهُ إذْ يـغْــضَـبُ

إنَّ الــعـــدوّ وإنْ تــقـــــادَمَ عـهــدُهُ .. فـالـحـقـدُ بـاقٍ فـي الصُّـدورِ مُغَّيبُ

وإذا الصَّــديـقُ لـقـيـتَــهُ مُـتـمـلِّـقــاً .. فـهــوَ الـعــدوُّ وحـقُّـــهُ يُـتـجــنَّــبُ

لا خـيـرَ فـي ودِّ امـرىءٍ مُـتـمـلِّـقٍ .. حُـلـــوِ اللـســانِ وقـلـبــهُ يـتـلـهَّـبُ

يـلـقــاكَ يـحـلـفُ أنَّــه بــكَ واثــقٌ .. وإذا تــوارَى عـنـكَ فهوَ العـقـرَبُ

يُعطيكَ من طَـرَفِ اللِّسـانِ حـلاوةً .. ويَـروغُ منـكَ كمـا يـروغُ الثّعلـبُ

وَصِـلِ الكـرامَ وإنْ رمـوكَ بجفوةٍ .. فالصفحُ عنهمْ بالتَّـجـاوزِ أصــوَبُ

واختـرْ قـرينَكَ واصطنعهُ تفاخراً .. إنَّ القـريــنَ إلـى المُقـارنِ يُـنسـبُ

واخفضْ جناحَكَ للأقـاربِ كُـلِّـهـمْ .. بـتـذلُّـلٍ واسـمـحْ لـهــمْ إن أذنـبـوا

ودعِ الكَـذوبَ فلا يكُنْ لكَ صاحباً .. إنَّ الكذوبَ يشـيـنُ حُـراً يَصـحبُ

وزنِ الكـلامَ إذا نـطـقـتَ ولا تكـنْ .. ثــرثــارةً فـي كــلِّ نــادٍ تخـطُــبُ

واحفـظْ لسـانَـكَ واحترزْ من لفظِهِ .. فالمرءُ يَسـلَـمُ باللســانِ ويُـعـطَـبُ

والسِّــرُّ فـاكـتـمـهُ ولا تـنـطـقْ بـهِ .. إنَّ الـزجـاجـةَ كسـرُها لا يُـشـعَبُ

وكذاكَ سـرُّ المـرءِ إنْ لــمْ يُطـوه .. نشــرتْــهُ ألســنــةٌ تـزيـدُ وتكـذِبُ

لا تحرِصَن فالحِرصُ ليسَ بزائد .. في الرِّزق بل يشقى الحريصُ ويتعبُ

ويـظـلُّ ملـهـوفــاً يــرومُ تحـيّــلاً .. والــرِّزقُ لـيــسَ بحيـلةٍ يُستجلَبُ

كم عاجزٍ في النـاسِ يـأتي رزقُهُ .. رغَـداً ويُحـرَمُ كَيِّـــسٌ ويُـخـيَّــبُ

وارعَ الأمانةَ والخيانةَ فـاجتـنـبْ .. واعدِلْ ولا تظلمْ يَطبْ لكَ مكسبُ

وإذا أصـابـكَ نكبـةٌ فـاصـبـرْ لهـا .. مـن ذا رأيـتَ مسـلـمـاً لا يُـنْـكـبُ

وإذا رُمـيـتَ من الـزمــانِ بريبـةٍ .. أو نالكَ الأمـرُ الأشـقُّ الأصـعـبُ

فاضـرعْ لـربّـك إنَّـه أدنـى لـمـنْ .. يـدعـوهُ مـن حبلِ الوريدِ وأقربُ

كُنْ ما استطعتَ عن الأنامِ بمعزِلٍ .. إنَّ الكثيرَ من الوَرَى لا يُصحبُ

واحذرْ مُصــاحـبـةَ اللـئـيـم فـإنّهُ .. يُعدي كما يُعدي الصحيحَ الأجربُ

واحذرْ من المظلومِ سَهماً صـائباً .. واعـلـمْ بـأنَّ دعــاءَهُ لا يُـحـجَــبُ

وإذا رأيـتَ الــرِّزقَ عَــزَّ بـبـلـدةٍ .. وخشيتَ فيها أن يضيقَ المـذهـبُ

فارحلْ فأرضُ اللهِ واسـعةَ الفَضَا .. طولاً وعَرضاً شرقُهـا والمغرِبُ

فلقدْ نصـحتُكَ إنْ قبلتَ نصـيحتي .. فالنُّصـحُ أغـلى مـا يُباعُ ويُوهَـبُ

الشاعر : [ صالح بن عبد القدوس ]

Written by فضاءات

What do you think?

Comments

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Loading…

0

عن حواءوالتفاحة

الأميرة هند تزور حاضنة الأعمال i-be

الأميرة هند تزور حاضنة الأعمال i-be