in ,

الألعاب الالكترونية سيف ذو حدَّين

في عقود خلت ، كانت ألعاب الأطفال أكثر بساطةً ، أكثر سلميّةً ، وأماناً إن صحّ التعبير ، ما الذي تغيّر في يومنا هذا ؟ كان الأطفال ولا زالوا يبحثون عن سعادتهم في اللعب بشتى أنواعه ، ووسائله ، و غالبية الكبار أيضاً ، لكنّ الذي تغيّـر فعليّـاً هـو نوعية الألعاب التي تشغل بال الكثيرين، كدخول الألعاب الالكترونية عالمنا ، محدثة انقلاباً كبيراً على بساطة الألعاب التقليديّة ، والأكثر شيوعاً و محاكاةً للواقع هي ألعاب الفيديو التي انتشرت بشكل واسع مؤخراً .
الألعاب الالكترونية : سلوك يتفاعل من خلاله اللاعب بالدمج بين الواقع والخيال، والوصول إليها ليس بالأمر الصّعب ، وما من شروط معقدة للحصول عليها فهي متاحة للجميع ، وممّا لا شكّ فيه أن هذا النوع من الألعاب يحقق أرباحاً خياليّة من وراء انتشارها الواسع ، والسبب الأساسي يعود إلى تصميمها بشكل يُثير فضول مستخدميها ، أمّا عن سبب ارتفاع نسبة مبيعات هذه الألعاب في الآونة الأخيرة فيعود إلى انتشار فيروس كورونا الذي أجبر عموم العالم على فكرة الحجر المنزلي ، وبالتالي اللجوء إلى هذه الألعاب للتسلية ، جاهلين الخطر المتعلق في البعض منها .
وكما أنّ لكل أمر إيجابياته وسلبياته ، فكذلك للألعاب الالكترونية ، ومن النقاط الإيجابية التي تنطوي عليها بعض هذه الألعاب : العمل على تنشيط الذاكرة ،وتنمية الذكاء والقدرات العقلية ،والمزامنة بين أكثر من وظيفة حركية في نفس الوقت ، كما تعلِّم على الصبر وقوة الإرادة ، ومنها ما هو تعليمي بحت كالألعاب التي تساعد على تعلم لغات مختلفة على سبيل المثال ، أو تلك التي تساعد على تعليم النطق السليم للأطفال دون الثالثة و دعم مهارات القراءة والكتابة لمن هم أكبر من ذلك ، كما أنها تجعل الأطفال أكثر إبداعا، ويمكن أن تساعد على التواصل مع الآخرين بشكل أفضل ، ومؤخراً سعى مصمموا الألعاب إلى تصميم ألعاب مخصصة للحيوانات الأليفة .
أمّا عن مساوئ الألعاب الالكترونية ، فهي عديدة أذكر منها :

  1. مشاكل صحية و مشاكل في الدراسة وقلة التركيز : إذ إنّ تجاوز الحد المعقول من قضاء الوقت في لعب ألعاب الفيديو يؤدي إلى الإضرار بالصحة كزيادة فرص الإصابة بالسمنة وإضعاف العضلات والمفاصل وجعل اليدين والأصابع مخدرة بسبب الإجهاد المفرط ، وتشير دراسات متعددة إلى اعتبارها سبباً لضعف البصر في كثير من الحالات ، كما أنّ لها تأثير على النمو المعرفي للطفل إذا لم يخرج ويتواصل اجتماعيًا في العالم الحقيقي ، وعلاوة على ذلك فإنّ الافراط بممارستها قد يدفع الطفل إلى عدم الالتفات إلى واجباته المدرسية وذلك بسبب المتعة التي تقدمها هذه الألعاب باجتياز اختباراتها .
  2. الانفصال عن الواقع وعن الأسرة والمجتمع : صحيح أنّ ثمة العديد من الألعاب متعددة اللاعبين ، إلا أن الأمر ينتهي بمعظم اللاعبين بلعبها في غرفهم الخاصة منعزلين عن الواقع ، فيصبحون أكثر عرضة للإصابة باضطراب التكيف والاكتئاب والقلق والتوتر في حياتهم العملية وكذلك الشخصية ، وتجدهم يشعرون بضعف الشخصية أثناء التواصل مع الآخرين كما يفشلون عند البدء في أية محادثات واقعية سواء مع أفراد أسرهم أو مع المجتمع الأوسع ،ففي عصر تسوده قواعد التباعد الاجتماعي التي ربما ستستمر لأمد طويل بسبب الضغوط التي تعاني منها الصحة العقلية ، نجد أنّ ممارسي ألعاب الفيديو على الإنترنت، وجدوها وسيلة من شأنها جلب قدر من الراحة .
  3. الإدمان : حيث يضحي مدمنوها بأوقاتهم ومسؤولياتهم في سبيل البحث والحصول على سعادة افتراضية قد يفتقدونها في حياتهم وهرباً من واقع يرفضونه ، و قد أكدّت بعض الدراسات أنّ نسبة 50% من حالات الإدمان الإلكتروني تكون مصاحبة لأمراض نفسية، كاضطرابات القلق مثلاً ، ويعالج هذا الإدمان بالسلوك التوجيهي الذي إما أن يكون فردياً أو جماعياً أو أسرياً.
  4. العدائية و اطلاق أحكام خاطئة : إن أدمغة الأطفال وهي في طور النمو غير قادرة على التمييز بين الصواب والخطأ ، فمن البديهي محاولتهم محاكاة سلوكهم مع ما تمليه عليهم هذه الألعاب ، كما تحتوي العديد من ألعاب الفيديو في السوق على عنف مفرط ، وألفاظ نابية، وعنصرية ، و يمكن أن يؤدي المحتوى العنيف في ألعاب الفيديو والإشباع الفوري الذي يقدمونه إلى جعل الأطفال غير صبورين وعدوانيين في سلوكهم ، فيبدؤون في إيواء الأفكار العدوانيـة التي يمكن أن تظهـر في سـلوك مزعج للآخرين ، ولا يقتصر تطبيق العدائية على الآخرين فحسب بل قد يتعداها إلى إيذاء النفس وقد يصل الأمر إلى الانتحار ، ومن أمثلة هذه الألعاب التي حذرت منها العديد من الدراسات لعبـة مـريم التي تعـتـمد على البعـد النفسـي، حيث تستخدم مؤثرات صوتية ومرئية تثير جواً من الرعب في نفس مستخدمها ، ومن خلال الكم الهائل من الأسئلة التي تطرحها اللعبة تتعرف على نفسيّة اللاعب وما هي أكثر مخاوفه ، ونقاط ضعفه ، وتعمل على هذا الأساس إلى أن يصل به الأمر إلى الانتحار هرباً منها .

على أيـة حال يؤكد البعـض على فكـرة الرقابة على ما يتعامل معه الأطفال على أجهزتهم الذكية ولكننا نعرف أن تطبيق هذا شبه مستحيل على أرض الواقع قياساً بسهولة الوصول الى كل شيء بلمح البصر . ولكـن هناك وصـفة تنجـح دائمـاً وبدلاً من الرقابـة على الأطفال أو المراهقين يمكن أن نبني معهم علاقة صحيحة أساسها الحب والثقة والصراحة و هكذا عندما يتعرض الطفل للابتزاز أو الخوف الذي لا يمكنه احتماله ، و بدلاً من الوصول إلى مراحل متقدمة من المعاناة وحيداً ، سيسهل عليه اللجوء إلى الأهل كمنقذ .بحيث تتم معالجة المشكلة والنجاة منها
فدائماً وأبداً كلما احترت في مسألة رعاية الأبناء المعقدة يبقى الحب والثقة الحل الأول والأخير


أماني زين الدين

Written by فضاءات

What do you think?

Comments

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Loading…

0

صبيحة العيد

في الوعي الكوني