in

فينيسيا تنثر سحرها ألحاناً وألوانا

إذا ما أحبت الروح شيئاً  بقوّة ، فإنّها ستصل بك لدرجة الشعور بأنّه الأفضل ،الأكثر تميّزاً ، والأوحد ، وهو ما تثيره بك { فينيسيا } ،تلك المدينة المنفردة بجمالها ،ورقيّها ،ورونقها الذي لامثيل له ،فينيسيا ؛ التي أسرت عقول الكثيرين ممَن زاروها ، أو رأوا صورها حتى ، فمن طلب مكاناً يلجأ إليه لأجل سلام روحه ، طمعاً بالهدوء ، الرومانسية ،الفن فليقصد البندقية ؛تلك المدينة الواقعة  شمال إيطاليا ، والتي تُعد عاصمة إقليم فينيتو وعاصمة مقاطعة فينيسيا ،والتي تُعتبر أكبر مدينة بالإقليم من حيث عدد السكان والمساحة إذ يقدر عدد سكانها 271 الف نسمة ،و تتكون المدينة من جزئين منفصلين وهما الوسط (الذي يحتوى على بحيرة تحمل نفس الاسم) ومنطقة اليابسة ، وقد ظلت المدينة لأكثر من ألف عام عاصمة “جمهورية فينيسيا” وكانت تعرف باسم ملكة البحر الأدرياتيكي. وتعدّ المدينة من أجمل مدن العالم والأكثر تميّزاً لكمّ الكنوز الفنيّة الهائل الموجود فيها ، والتي ترعاها منظمة اليونسكو الأمر الذي جعلها ثاني مدينة إيطالية بعد روما من حيث ارتفاع نسبة التدفق السياحي من مختلف أنحاء العالم ، والمدينة عبارة عن عدة جزر متصلة ببعضها عن طريق جسور وتطل المدينة على البحر الأدرياتيكي.

أصل الإسم

كان اسم فينسيا يستخدم في بداية الأمر للإشارة إلى جميع أراضي الإقليم قبل فترة الحكم الروماني ، يظهر ذلك في التقسيم الاداري الأغسطسي بإيطاليا في القرن السابع بعد الميلاد حيث كانت تشكل هي وشبه جزيرة استريا جزءاً من إقليم ريجو ، هذا وقد استمر استخدام الاسم تحت الحكم البيزنطي الذي كان يطلق عليها اسم “فينيتيكا” أو باللاتيني ” فينيتيا البحرية” ، وبعد ذلك أُطلق الاسم على دوق البندقية وأخيراً تم إطلاق الاسم على عاصمتها.

التاريخ

نشأت مدينة البندقية عام 800 قبل الميلاد في بيئة ” نهرية تنتشر بها المستنقعات” ويُعتقد أنه كان هناك تجمعات بشرية منذ عصور ما قبل التاريخ نظراً لغناها بالثروات، فقد كانت المدينة قائمة على الصيد البري والبحري . وقد عزز من موقعها قدوم الرومان بالإضافة إلى نظام الموانئ فيها . *تعرّضت المدينة لموجات مختلفة من غزوات البربر ، و في عام 1848 شاركت المدينة بشكل نشط في الحركات الثورية وفي محاولة من دانييله مانيم أصبحت لفترة قليلة مستقلة مع جمهورية سان ماركو المؤسساتية ، وبعد عام من الحصار النمساوي ، اضطرت المدينة للاستسلام في يوم 22 أغسطس عام 1849. و في عام 1866 أصبحت المدينة جزءاً من مملكة إيطاليا وقد تم التصديق على الانضمام في يوم 21 أكتوبر عام 1866 والذي شهد فوز بنسبة 99% بالموافقة على التصويت لصالح الناخبين النشطاء ، و في عام 1933 تم تشييد جسر برى بين فينيسيا والمنطقة اليابسة. و أثناء الحرب العالمية الثانية،  شهدت المدينة نمواً سكانيّاً بمنطقة اليابسة مما جذب مهاجرين من جميع أنحاء المناطق الداخلية ومن المركز التاريخي ذاته ،ونتيجةً  لذلك أصبح في منطقة اليابسة ضعف سكان جزر المدينة.

الآثار

تعتبر مدينة فينيسيا أكبر مدينة إيطالية من حيث عدد السياح الذين بلغ عددهم  29.326.000 مليون سائح عام 2002 لما اديها من أوابد مميزة. إذ تتمركز آثار المدينة في المركز التاريخي وفي جزر البحيرة ، أما بالنسبة إلى الجزء اليابس فهو خالٍ من الأماكن الهامة ، ومن  أشهر أماكنها هو ميدان سان ماركو الذي يطلق عليه لفظ ميدان ، أما الميادين الأخرى يطلق عليها اسم ساحات ، توجد كنيسة سان ماركو في وسط الميدان مطلية بالذهب ومغطاة بالفسيفساء التي تحكي تاريخ المدينة جنباً إلى جنب مع النقوش المنحوتة التي تصور شهور السنة ، ويوجد أعلى الباب الرئيسي أربعة خيول من البرونز الذين نقلوا من القسطنطينية إلى فينيسيا أثناء الحملة الصليبية الرابعة عام 1204 ويظهر جلياً الصليب اليوناني ذو الخمس قباب.. والكنيسة الحالية هي ثالث كنيسة مهداه إلى القديس مرقص التي تظهر في هذا المكان (فالكنيستين الأخيرتين قد تم تدميرهما)، هذه البناية مستوحاة من كنيسة سانت أبوستولى بالقسطنطينية ، الكنيسة مرصعة  من الداخل بالفسيفساء والذهب والتي تصور مقاطع من الكتاب المقدس ، و كانت في بداية الأمر محراباً لدوج دولة فينسيا.

الجسور

لدى فينسيا أكثر من 400 جسر ما بين جسور عامة وخاصة ، حيث تربط 118 جزيرة مشيدة عليهم المدينة ، وذلك من خلال 176  قناة مائية، و معظم هذه الجسور مبنية من الحجارة ومواد أخرى مثل الخشب والحديد ، وأطول هذه الجسور هو جسر الحرية الذي يعبر البحيرة ويربط المدينة بالمنطقة اليابسة وهكذا يسمح لحركة مرور المركبات.

طبيعة الحياة

عند دخول المركز التاريخيّ نرى محلات البقالة ، وأنشطة حرفية صغيرة  مخصصة لمحلات الهدايا ، وأنشطة صناعية أخرى موجهه للسياح والطلاب ، هذا وقد أدت مشكلة ارتفاع التكاليف المحلية إلى نقص الطلب على هذه الصناعات ، كما أدت الصعوبات اللوجستية إلى انتقال بعض الخدمات إلى المنطقة اليابسة مثل خدمات (دور الحضانة، رياض الأطفال، ومكاتب البريد…إلخ) حتى المستشفيات ضعيفة في هذه المدينة ، كما تسهم قلة الوحدات السكنية وارتفاع أسعار الإيجار في هجرة السكان تدريجياً .

الفن

لقد تطور تاريخ الفن بفينيسيا على مر القرون بطريقة فريدة من نوعها بالنسبة لباقي أوروبا ، إلا أنّه تطوراً بطيئاً وذلك  من التأثيرات الخارجية ،  فقد نشأت كمدينة بيزنطية ، وكانت متأثرة فنياً ولفترة طويلة بعلاقتها بالعالم العربي.

الأدب

فعلى الصعيد الأدبي نذكر سان ماركو (1254-1324) مؤلف كتاب المليون ، الذي أصبح أشهر عملٍ للتعريف بقارة آسيا والصين في أوروبا في العصور الوسطى ،كما كتب في فينيسيا كلا من الشاعر مافيو فينير (1550-1586) وكارلو جولدوني(1707-1793)وهو أحد المؤلفين الأساسين في المسرح، جاكومو كازانوفا (1725-1798) وغيرهم الكثير، ويكفي أن نذكر شكسبير (1564-1616) حيث كانت المدينة بيئة قصة عطيل وتاجر البندقية.

السينما

نظراً لطبيعة المدينة التاريخية يتم تصوير العديد من أفلام السينما الإيطالية فيها ، كانت البندقية بيئة لأحداث تحكى في المدينة مثل (القمر وأنت 1958) لدينو ريزي ، (مجهول البندقية 1970) للممثل إنريكو ماريا ساليرنو ،( نسيت البندقية 1970 ) للممثل فرانكو بروسات ، وثمة أفلاماً عديدة قام بدور بطولتها في البندقية نجوم كبار أمثال : [ جوليانو مونتالدو ، هيث ليدجر ] ، كما كانت أيضا مكاناً لأعمال شكسبير مثل مسرحية عطيل من إخراج أورسون ويلز عام 1952. 

Dangearious Beauty كما لا ننسى فيلم جمال خطير الذي يتحدث عن غانيات فينيسيا بأجمل حبكة. رغم ان الفيلم عن تفاصيل حياة الغانيات وكيف كن ينجحن باستقطاب الرجال إلا أنه وضع بأسلوب راقي ومحتوى غني. فيلم يرصد الكثير من جمال فينيسيا ممتزجا بحكايا إيطاليا الرائعة

أماني زين الدين

Written by فضاءات

What do you think?

Comments

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Loading…

0

زينة عماد “مستقبل الأغنية السعودية”

الجبال بيننا ومسارات الحياة