in

تحفة بملامح غامضة

يرى المتتبّع للتّراث الثقافي في مختلف الحضارات والدول, أنّ الحكايات حول المعالم الأثريّة تزداد نسجاً واختلافاً كلّما ابتعد الزّمن عن نشأتها . و بعض المعالم وإن جُردّت من حقيقتها وتعددت حولها الاساطير إلا أن هويتها البصرية جميلة بما يكفي لتلفت الانتباه عن الحقيقة ، فيأتيها النّاس من أقطار العالم للاستمتاع والتجوال حولها دون النّظر إلى ماهيتها ؛ ولقد حظيت منطقة العلا في المملكة العربيّة السّعودية باهتمامٍ منذ الأزل البعيد حيث أنها كانت تقع على خط التجارة العالمي قديمًا ، ويمكننا مشاهدة ذلك التأثير في الأبنية المعمارية التي تستوحي جمالها من عدة حضارات، ولازالت العلا حتى يومنا هذا من أكثر المناطق الأثرية المهمّة للوطن العربي حتى إن منطقة ( الحِجر ) في العلا تعتبر أول موقع في المملكة العربية السعودية مدرج على لائحة اليونيسكو للتراث العالمي ، وتحتوي منطقة الِحجر على عدد من المدافن المذهلة كالمدافن الموجودة في جبل البنات والبالغ عددها ( 29 ) مدفناً .

يعتبر “جبل البنات” سراً غامضاً خطف الأنظار عن معالمَ كثيرةٍ حوله، إنّه أحد المعالم الأثرية التي حامت حولها العديد من الأساطير – فعلى سبيل المثال – هناك من ينقل أن تسمية الجبل جاءت من أنّ الملك قد قتل ابنته ودفنها في القصر لسبب وجود علاقة غير مقبولة مع أحد النحاتين ، وهناك أقوال بأن التسمية جاءت لكون المدافن أغلبها تعود إلى النّساء وأقاربهنَّ في منطقة الحجر .

. وتحتوي العديد من المدافن على نقوش تحمل أسماء الأشخاص الذين امتلكوها بالإضافة إلى اسم النّحات مع تاريخ بنائها والملك الذي حكمها خلال تلك الفترة . كما يزين القصر منحوتاتٍ ضخمةٍ وجميلةٍ تتميّز بدقة متقنة للغاية ، ولمدخله أعمدة شاهقة حملت رموزه مجموعة متنوعة من المعاني والزخارف المعمارية التي تعكس تأثير الحضارات الأخرى التي كانت على اتصال بالأنباط أنذاك. ففي بعض المنقوشات كبتلات الورديات التي ترمز إلى خلود الحياة الأبدية ، وهي تُنقش بشكل بارز ، وأحياننًا تحاط بإطار دائري. استحوذ القصر على اهتمام الكثير من العرب والأجانب للتعرف على تاريخه ومحاولة قراءة القصص والحكايات الرومانسية التي كتبت عنه ،والتقاط الصور لتوثيق زيارته، وكشف لنا التوثيق أن القصر يحتضن غرف خفية ومجموعة من الفتحات كبيرة الحجم موجودة على جداره، وبعض المدافن هُيّأت لاحتواء عائلات بأكملها، وممّا يزيد الاهتمام حول قصر البنت أن هذا القصر يُبنى من أعلى إلى أسفل باستخدام المعدات البسيطة كالأزاميل والمطارق. وهذا سرٌّ من أسرار القبور النبطية .

يذكر أن القصر غيرمكتمل البناء . ولم يثبت حتى اليوم سبب توقف العمل هل كان موت النحات أثناء عملية البناء و التي كان من المتوقع إنجازها خلال عشرة أشهر أم أن هناك سبب آخر لم يسجله التاريخ

فاطمة عادل البورشيد .

Written by فضاءات

What do you think?

Comments

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Loading…

0

الطلاق الروحي

..لطيفة.صوت الأنثى القويّة