in ,

ـ ” النرجسيّ ” غرور يغرق صاحبه / 2 / ـ

فـي المنشـور السَّـابـق عن أسـطورة [ نرسيس ] ذاك الشاب الجميل الذي عشق صورته ، وأخذ علماء النفس الأسطورة وأطلقوها على أحـد أنـواع الشخصية الصعبة المراس وهي (الشخصية النرجسية) . ـ
إنّ العلاقة مع هذه الشخصية من أصـعـب العـلاقـات لأنَّهـا شخصية متذبذبة ،شكاكة، متسلطة، لا يوجد قانون عندها ، بـل تغيّر القوانين وفقاً لأهوائها ومصـالحهـا ، ومن هنا ندرك أهميّة معرفتنا لسمات هذه الشخصية لـحمـايـة أنفسـنـا مـن الـدخـول فـي علاقة سامّة ومؤذية لا تشفى جروحها بسنوات طويلة . ـ
يجـزم الأطـبـاء النفسـيون بـأنَّ النـرجـسـييـن هـم أخـطـر المخـلـوقـات علـى وجـه الأرض ؛ فالشخص النرجسي هو شخص متعدد الشخصيات لديه عدة أقنعة ، ويقوم بلبس القناع التي يناسـب المـوقـف، فقد تـجـده مـرَّة فـي غـايـة الـرقـي واللبـاقـة فتشعر بأنه ملاك ، وبعد دقائق تجده يتلفظ بأسوأ أنواع الشتائم السـوقيـة فتـتفـاجـأ بسـلاطـة لسـانـه وقـلّـة أدبـه دون أي اعـتبـار لمـشـاعـر المـحـيطـيـن .. ـ
الشـخصـيـة النـرجـسـيـة لا تتـعـاطـف مـع الآخرين ، لا بل ترى أنَّ من الواجب على الآخرين خدمتها واحـتـرامها وتبجيلها ، لأنَّ النـرجسـيّ يـرى فـي نفـسـه الاسـتحقـاقيـة والاسـتثـنـاء ، بـالـرغـم مـن أنّ النرجسـي (رجل كان أو امرأة) يسعى لتهميش الآخرين ويتعمد التقليل من احترامهم و تجاهلهم ، وهو شـخـص اسـتغـلالـي يسـعـى لتـدميـر الآخـريـن ليشـعـر بالنـشـوة والتـوازن النفسـي . ـ
أمّـا فـي حـالـة الغـضـب النـرجسي ( وهي الحالة الأكثر سوءاً وألماً في العلاقة) : فالغضب النرجسي يتحـوّل لحالـة هيسـتيريّـة مـن صـراخٍ وتكسـيـرٍ وتشـهيـرٍ ولـومٍ وإسـاءة فـي السـمعة والشرف ، لذلك العـلاقـة أو الشـراكـة مـع النـرجسـي هـي عـلاقـة خضـوع مـدمـرة وخـاصـة عنـدمـا تتطـور لمـرحلة (السـيكـوباتي) فيصبح النرجسي مؤذٍ بشكلٍ رهيب ، إذ يصبح المحيطون به فعلاً تحت الخطر من شدّة إيـذائـه النفسـي والعنـف البـدنـي مـن ضـرب وخنق وحرق ، وقد يلجأ بعض ضحايا هذه العلاقات إلى الانـتـحـار لـلـخـلاص مـن هـذا الـوضـع الـمـأزقـي الـذي لـم تـجـرِّمـه لا الـقـوانـيـن الـدســتـوريـة ولا القوانين الاجتماعية.ـ
ــ الأمّ النرجسيّة : أسوأ نماذج الأمهات لأنَّها تفضِّل نفسها على أطفالها نتيجة أنانيّتها ؛ لا يشعر أطفالها بالحب والأمان العاطفي ، فكل ما تقدّمه مشروط برغباتهـا ، تسـعى لتعظيـم نفسـهـا حتـى علـى حساب أبنـائهـا ، لا تتحـمـل أيّ خطـأ مـن أبنـائهـا يهـزّ مـن صـورتها الاجتماعية البراقة التي تسعى للمحافظة عليها ، هذه الأمّ نقمة ومصدر عذاب لأبنائها ، يعيشون صراعـات وتنـاقـضـات رهـيبـة إضـافة لبركان الغـضـب الذي تفجره في المنزل لأتفه الأسباب، وخاصة فيما يتعلق بغرورها وتسلطها ، هي أمٌّ قاسية، تعنف بشدة ،تنتقد أولادها وتعزلهم عن ذويهم وخاصة أهل الزوج ، عنيدة جداً ، كثيرة النقد للآخرين ، ولكنّها لا تتحمل كلمة نقد واحدة ، ولا تتوقف عن ممارساتها السلبية في التدخل بشؤون أبنائها حتى بعد زواجهم، فتتدخل بأدقّ التفاصيل بين أولادها وشـركـائهـم وتعمل على بث بذور الفتنة والتحريض لأنَّها تغـار وتحسد بشدة .. ـ
وما أكثر التجارب المؤلمة الواقعية التي اصـطـنعـتـهـا أمٌّ نـرجسـيـة دمـرَّت نـفسـيـة أبـنـائـهـا وجـعلتهم أتباعاً لها أولاً ، ثمَّ دمرَّت حياتهم الزوجية ، وشتتت شمل العائلة والأطفال ثانياً … ـ


هيام نحلي

Written by Editor

What do you think?

Comments

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Loading…

0

المعبد الأول

تغيير المناهج وانتهاك حقوق الإنسان في عملين من إصدار مركز البحوث والتواصل المعرفي

تغيير المناهج وانتهاك حقوق الإنسان في عملين من إصدار مركز البحوث والتواصل المعرفي