in

الآباء يأكلون الحصرم، والأبناء يضرسون

ـ ” وجروح ليــش تعدهـا جـروح الـهـوى . مـا دامهـا تركـت، بـحـقـلـو غـلالهـا ” ….هـذا ما تقوله فيروز
فأجمل ما في الإنسان عاطفته، وأرقّ ما تكون حال الإنسـان عـنـدمـا يـعـبِّـر عـن تـلـك العـاطفـة وبحـريّة
ـ لقـد خُلِق الإنسـان حرّاً ، لا يحق لأحد استلاب حريّة الآخر، لـكـنَّ حـريّـة الفـرد تنـتـهي عندما تبدأ حرية الآخـر، كيف تتعارض حرية الفرد في اختيار شـريـكـه ، و حـريـته في التعايش معـه كما يريد، مع حرية الآخـريـن ؟ ــ يتـجـلـى ذلـك فـي عـدَّة جـوانـب : المـشـاركـة السّـليـمـة ، تكـافـؤ الحـقـوق والـواجـبـات ، الـحـرص علـى سـلامـة الآخـر وراحـتـه ، لـكـنَّ أكـثـر جـوانـب الـعـلاقـة دقّـة وأهمـيّـة ؛ يـتعلق باحتمال ولادة طفل بينما يتم التركيز على العواطف أكثر مـن التـركيـز علـى الإطار العام الذي يربـط الشـريكيـن، حتـى في العـلاقـات المشـروعة التـي رضـي بهـا الـدين ووافق عليها المجتمع، مثلما هو الحال في الزواج مــن امـرأة ثـانيـة مثلاً ، وفـي الأسـماء المتنوعة للزواج، فضلاً عن العلاقات التي لا يحكمها رابط مقبول اجتماعياً ،وصـولاً إلـى عـلاقات الغصب والجهاد من خلال النكاح وغيره من مسميات كثر تداولها مؤخراً

ـ عنـدمـا ينشـأ طفـل من عـلاقة بين رجـل وامرأة، يتغير الوضع ويصبح كل منهما شخصاً جديداً في رأيه وتفكيره وشعوره بالمسـؤولية لأنَّه يدرك أنَّ هذا الطفل ينتمي إليه ، فالإنسان يحمل في جيناته وفي غريزته الفطرية شعوراً بالانتماء إلى الأسرة، ويقبل هذا الشعور في قلبه وعقله وضميره بحيث يندفع وبلا قيود إلى العناية بالوليد الضعيف الذي لا يتمكن من التقدم في حياته دون الاستناد إلى أبويه.
ـ يـحـتـاج هـذا الـطـفـل فـي الـبـدايـة إلـى اســـم و هـويّــة ، يـواجـه مـصــيــره مـن خـلالـهـمـا ، مـصـيـره فـي مـواجـهـة نـفـسـه والمـجـتـمـع ، إن لـم يـرد الأبـوان تـسـجـيـل زواجهـمـا ، ومـنـح مـولـودهـمـا اسـمـاً ونـسـباً ، سـيكـون مـصـيـر المـولـود فـي دار الـرعـايـة التـي تـربـي وتعتني باهتمام وتقدم كل ما يلزم الى الأطـفـال بـاسـتـثـنـاء قـلـب الأم أو حضـن الأب ، لأنهـا لا تملك ذلك ، سيحمل الأطفال غير المعترف بهم جروحهم بصمت، كلٌّ منهم سيقضي حياته باحثاً عن حقيقة نسبه وعن مكـان تـواجـد أبـويه ــ عندما علّمت في مدرسة يتحول إليها أطفال دار الرعاية في منطقـتي ، أثـار انتبـاهي أنّ كثير من التـلامـيـذ مسـجـلـيـن علـى أنّ اسـم الأب لـديـهـم [ آدم ] ، عـنـد السؤال عن سرّ هذه التسمية المكررة، تبين أنّ أولئك التلاميذ لا يعرف آباؤهم ، وفي دول العالم، جميعها أمثلة لا تحصى عن واقع مشابه.
ـ عنـدمـا يـوجـد الإنسـان فـي أسرة وضعها طبيعي، قد يحتاج مساندة أفراد من المحيط الاجتماعي ابتداءً من الجد والجدة والأقارب والجيـران وغيـرهـم ، ومع ذلك يحتمل أن يصاب بالخيبات ويتعثر نموه، فكيف بطفل ولِدَ في بيئة لا تحمل الكيان المتماسك للأسرة ؟
كتب [ غيوم ميسو ] في روايته ” اللحظة الراهنـة ” عـن طـبـيب ولد من علاقة لأمه مع رجل غير زوجها، رغم أنَّ الزوجة واصلت حياتها في أسرتها ،وتمَّ قبول ابنهـا الـذي أتـى مـن تـلـك العـلاقـة فـي الأسرة ، لكنَّ التحفظات على هذا القبول استمرت حتى نهاية حياتهم جميعاً ـ علـماً بـأنَّ هـذا فـي أمـريـكـا ـ فـكيـف تـكـون تفاصيل هذا الوضع في بلادنا التي لن تتخلى عن خصوصية وضع الأسرة فيها ؟

نهى عبد الصمد

Written by فضاءات

What do you think?

Comments

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Loading…

0
سفير عمان لدى المملكة في لقاء خاص عبر برنامج أبعاد

سفير عمان لدى المملكة في لقاء خاص عبر برنامج أبعاد

التاريخ والدراما / 5 /ليلى خالد