in

البحث عن الحرية ..في رواية

البحث عن الحرية ..في رواية
البحث عن الحرية ..في رواية

“إنما أشعر به الآن هو صراعٌ بين كياني السابق وكياني الآن، لا توجد فرصةً لاستعادة رجلٍ ميت سُلبت منه حياته، فإنما بيني وبينكم الآن هو استغاثة رجلٍ ميت” هذه الكلمات التي قُيدت بين أغلال الأقواس كُتبت بمعاناة رجلٍ ذاق ويلاً كثيراً قرأته بين سطور الرواية التي هو بطلها، رواية مكتوبٌ على غلافها “استغاثة رجل ميت” لـ “لجين الراجح” صادرة عن تكوين للطباعة والنشر والتوزيع.

تُبنى سطور هذه الرواية على تفاصيل حياة “وديع” كاتب تلك العبارة التي تحمل في كل حرفٍ منها كمّاً عميقاً من التشتتِ والخوف، تحمل إحساساً بالغربة بينه وبين ذاته، وتلمس هذا حقيقة حين تقرأ “ها أنا مقبلٌ الآن على الشرف الوحيد الذي تبقى لي، شرف الهرب من هذا العالم، حريتي الحقيقية”، هو يصف الهروب من كل شيء “دون أن يستثنى شيئاً لو لاحظت” حرية حقيقية، وبهذا التعبير حقيقة تُسقط لجين الضوء على الأبعاد النفسية التي تترسّب في دواخل كلّ من يعاني من مرارة تجربة ما.

تبدع لجين حين تختار حوارات وديع مع نفسه، حين تجعل القارئ يُنصِت لهمس الحرف وكأنّه ينصِت لوديع وهو يتحدث، تصف المعاناة خلال أعوام أربعة بدقةٍ متناهية، تُلقي بالقارئ تارةً في شباك قسوة التجربة التي أودت بحياة وديع دونما أن يموت، فتجعله يُصارع كل الحروف لاهثاً وراء القشّة التي سيتشبث بها وديع لحين الوصول للمنفذ الذي سيطلّ منه وجه النجاة مبتسماً لوديع معلناً أخيراً عن نهاية الطريق المظلم.

وتارةً ثانية تأخذ بيد القارئ الممسك لصفحات روايتها وتضعه أمام حياة كلّ من تركه وديع خلفه، مرةً أمام حبيبته، تجعله يرتبط بإحساسها تجاه وديع في كل مرة، وكيف تربط كل لقاء وكل صدفة بوديع، كيف تحزن وكيف تتنهد محاولةً نسيان حبه. ثمّ تضعه وسط عائلته، وسط حزن الأم والبكاء، وسط ذكريات الإخوة ومحاولات الوصول والتساؤلات المتكررة، وسط الرسائل التي تصل والتي لا تصل، تجعله يترقّب الأحداث وكأنه واحداً من أبطالها الذي فرغ صبره وهو ينتظر عودة وديع.

ثمّ تُمسك أخيراً بيد القارئ لتوصِله مع وديع إلى لحظات العودة واللقاء، إلى اللحظات العامرة بالعناق والبكاء والكثير من الذكريات، إلى شيئاً من الفرح في محاولةٍ منها أن تُنسيه كم الأسى الذي عاشه مع وديع خلال تلك الأعوام الأربعة.

آلاء صبري

Written by فضاءات

What do you think?

Comments

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Loading…

0
ليس فشلاً ولكنه بداية النجاح

ليس فشلاً ولكنه بداية النجاح

جيهان السادات..رحيل "السيدة الأولى" في مصر

جيهان السادات..رحيل “السيدة الأولى” في مصر