in ,

قفصُ الرُّوحِ الطفوليّ

يقولُ خبراءُ التّربية : ” إذا كان لديكَ أطفالٌ وبيتك على الدوام مرتّب ومنمّق ونظيف وكلّ شيءٍ في مكانهِ تماماً ، فأنتَ والدٌ سيء لأن البـيت المرتَّـب على الدوام بوجود أطفال يعني أن جبروتاً وحرماناً وسلطة قويّة تُمارَسُ على الأطفال ، والبـيـت المرتّـب عـلى الدّوام يعني طفولـة تُسرق وخيالاً يُسجَن وروحاً تُداسُ قهراً ” ….

ــ كثر هم الآباء الذين يلجؤونَ إلى أسلوب التربية التقليدية ، وتحميل الأبناء أثقال الماضي ،ويكررون مسيرة الآباء والأجداد ، غافلون عن عجـلـة الحيـاة المسـتمـرة وتغيـيـراتهـا الاجتماعية والتربويـة والنفسيـة والمنهجيـة ووسائـل التّكـنولوجيا المتطورة وتأثيرها المباشر في صقل الشخصية ، وجعل المجتمع يرى العالم من خلال الشاشة الصغيرة ، ومايحصل من تفاصيل بينيّةٍ على الكرة الأرضيّة والتجوال في محيطاتها وأنهارها وبحارها وسهولها وجبالها وكل شيء يحيط بها علماً ، ولا شـكَّ أنَّ هـذا التأثيـر قـد لحـق بالأطفالِ مباشـرةً .

وبعض الآباء والأمهات ممن لا يزال الماضي عالقاً في مخيّلاتهم ، ومـا كان قد حصل في زمانـهم جعلهم لا يتـقـبلـون أصـول التـربيـة الحديثـة ويقعـون دائـماً في شرك المقارنة الخاطئة بينهم وبيـن أطفالهـم ؛ مـمـا قـد يـحـتِّـم وضـع حـاجـز وهـمـي ــ لا يـدركـون خـطـره الـمـسـتـقـبـليّ ــ بـيـنهـم وبيــن فلـذة أكـبادهم ، لتتّسع الفجوة بينهم !. ومع مرور الزمن يصعب الخرق على الراقع * ويكونوا قد صنعوا بأيديهم كائناً غيرَ سويٍّ يلومون أنفسهم ،ويُلاموا على مافعلوا ، غير آبهين ومكترثين أو ربما ( جاهلين ) أنّهم السبب ، ويحظرني قول أحدهم : ” ومـن الـبـرِّ مـاقـتـل ” أي يسـتـوجـب الـبـرّ ألّا أُربّـي طـفـلي كمـا رُبِّـيتُ ، لأنهم في زمانٍ غير زماني!ـ

الاحتواء!!ـ
نعم ياسادة الاحتواء هو الحل الأوحد لجلب السعادة لطفلي ، والتربية الحديثة البعيدة عن جلد الذات والإيلام وجعل الطفل يربي نفسه بنفسه بالتقبل ونحن كمربين من وراء الستار كأنك تعلم طفلك السباحة ، أنت لا تبللُ ثيابك لكن قد يستوجب إذا اقتضت الحاجة …..والشيء المهم تربوياً أن نحفِّز الطفل ونعزز ثقته بنفسهِ ، وأنِّ لا شيء يعلو الأنفة وتسهيل وتحطيم الصِّعاب في سبيل الوصول للهدف المنشود وسبر أغوارِ الحقيقة والتعمُّق في كل ما هو مفيد ، كقراءة الكتابِ ومزاولة النشاط والاهتمام بالهوايات ، منهم من هو مبدع في الرسم وآخر في الموسيقى والتالي في الخط ، كلٌّ حسب الرغبة ،ولنبتعد كلّ البعد عن الترغيب في مجالٍ نفعي كـ ( اُدْرسْ لتصبح طبيباً ، لتصبحَ ثرياً أو اُدرسْ الهندسةَ لكي تذهب إلى المغترب وتعمل في شركة بناءٍ ربحيّة ..) ؛ هذا ما نسمِّه الأنانيّة وهل يبدع الإنسان في ما لا يتقبَّله أو لايحبِّذه ؟؟ طبعاً لا ؛ لأن كل شخص منّا مبدعٌ في شيٍ ما ،قد لا يكون بالضرورة نفعيّ ماديّ بحت ربما نهضويّ ،سعادة لاحدود لها!ـ
قد يستغرب البعض خلط أوراق المراحل كيف بدأت بالحديث عن الطفل بدايةً وانتهاءً في مراحله الحياتيّة لأن بكل بساطة أسلوب التربية الأسرية المجتمعية ــإن كانت إيجابية أم سلبيةــ يقع على عاتقها صقل شخصيّة الإنسان،ومثلما تزرع ينبت،فإن زرعت قمحاً في أرضٍ طيبة حصدت سنابلَ ممتلئة وفيرة،وإنْ بذرت شعيراً في أرضٍ قاحلةٍ كان علفاً
ـ أيضاً لا يجب إغفال دور الأسرة التفاعلي في بناء الطفل سكيولوجياً فالأبناء يحبُّون وعلى الدوام أن تكون علاقة آبائهم قائمة على الحب والتفاهم والود مما يرتد إيجاباً على الأبناء ولاشيء بعدها يُقلق سعادتهم لأن التوتر والانفعالات الأسرية تزيل العلاقة التكاملية التفاعليّة بين أفرادها فيصبح الأبناء مشتتين وبما أن الآباء قدوة أبنائهم فعند أسلوب التربية الخاطئ نكون قد صنعنا أبناء نسخة لا تختلف عنا …..والواجب أيضاً تفعيل دور الأم الوجوديّ ، لأن تحجيم دورها في بعض المجتمعات يضعضع أركان الأسرة ،فللأم أهمية قد تفوق الأب في أسلوب التربية وقد أثبتت الدراسات الأمريكية هذه النتائج لذلك على الأب أن يعـطي الأم الـدور الكـامل لـكي تبـني أسرة صحيحة سكيلوجياً وأيديولوجياً وبنيويّاً ، عندها يصبح الأبناء منتجين بطاقة أكبر للحصول على نتائج مستقبلية مرضية للعبور إلى بناء حضارات من خلال بناءِ الإنسان…

عماد مهنا

يصعب الخرق على الراقع * : يصعب ترميم الفجوة على المصلح

Written by فضاءات

What do you think?

Comments

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Loading…

0

معالي السائق الوزير

الخدمة ؛ الطريقُ الأسهل للارتقاء